يرتكز أي زواج على ثلاث قواعد أساسية هي: "السلوك، الاقتصاد، والجنس"، وتنحصر حول هذه الثلاثية كل المشاكل والشكاوي الزوجية على اختلافها ، لأن معظم المقبلين على الزواج يخطئون الخطأ نفسه وهو إبداء أولوية لأحد بنود الثلاثية السابقة ويهملون الباقي. والغريب أنهم جميعاً يرددون العبارة نفسها: "نرغب في شريك طيب ,ابن او بنت حلال وعلى خلق ودين" دون أن يعطوا بُعد واضح لمعنى ما يرددون. والبعض الآخر يشترط أن يكون الشريك مقتدراً مالياً ليحصلوا على الاستقرار الاقتصادي الذي يؤدي إلى السعادة على حد ظنهم، وهم أيضاً مخطئون، لأن الحقيقة لا يوجد شيء اسمه استقرار اقتصادي، لان الحياة متغيرة ولا تبقى على حال ويقول الله في ذلك: {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} . فدوام الحال من المحال بشهادة الله عز وجل والتركيز على هذا وحده في اختيار الشريك هو رهان خاسر.
الزواج هو نموذج مصغر للوطن، أنت فيه ملك على زوجك وعائلتك، وأنت نفسك فيه مملوك لهم، ومعنى أن تكون ملك أي أن تكون بيدك صلاحيات إدارة أفراد العائلة ومتطلبات البيت ، من مشاكل وموارد ضمن حيز انفعالي ومادي يقع في إطارصلاحياتك القانونية المستقاه من الدين والمجتمع ومن نفسك، وأنت نفسك مملوك لواجبات واملاءات وضغوطات أخرى اجتماعية ودينية ومن الشريك، ولذلك كان لنفسك عليك حق حسن اختيار سلوك الشريك، وكان لشريكك عليك حق الإصلاح من نفسك وتطويرها لتسعده.
وحسن الاختيار ليس بحسن العبادة فقط كما يذهب البعض وإنما يتجلى قصدي في قول الحق تبارك وتعالى في سورة المائده الآية 48: "لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون". الآية الكريمة تشير في رأيي إلى تكافؤ السلوك، وأنا لا أقصد بالتكافؤ هنا المال أو الرتبة الاجتماعية أو اللون أو البلد أو فرق العمر بين الزوجين فهذه كلها أمور نسبية تختلف من شخص إلى آخر تبعاً لرصيده الفكري والعلمي وخلفيته الاجتماعية ورواسب تجاربه الشخصية، وإنما قصدت به تكافؤ توجه السلوك، كأن يتزوج البخيل من امرأة اقتصادية حتى لو لم تكن بخيلة هذا تكافؤ أفضل من أن يتزوج البخيل من كريمة، أو أن يتزوج المتحرر من المتساهلة في الدين أفضل له من المتشددة في التزامها، وأن يتزوج المتشدد في الدين المتشددة، والهادئ من الرومانسية، والشهواني ممن تعير أهمية أكبر للجنس وهكذا ... لتتقارب شريعة ومنهج كلاهما من الآخر ولتلتقي وتتضامن ردود أفعالهما وانفعالاتهما تجاه مواقف الحياة المختلفة حلوها ومرها والرؤى المستقبلية لمسيرة الأسرة وتصب في مصب واحد. هذا سيخلق توافق واتفاق نسبي يساهم في نمو ود ورحمة أكبر بينهما، وسيوحد منهاجهما التربوي تجاة أبناءهما بالايجابيات والسلبيات التي تتضمنه ، وسيؤدي لقيادة مؤسسة الزواج بشكل منظم متكاثف ومرن ما يطيل عمر الزواج ويقوي روابطه، بغض النظر عن كون هذه العائلة تنتهج نهج صائب أو حتى خاطئ، هذا هو المقصود بضرورة اختيار فتاة أو شاب على خلق ودين، الخلق المقصود هنا خلق مكافئ لشريعة ومنهج الآخر والله أعلم.
ورغم أن التكافؤ في التوجه السلوكي ركيزة أساسية لنجاح الزواج لكنه وحده لا يكفي ، فالوضع الاقتصادي هام جداً ولا بد أن يوجد تكافؤ في الوضع الاقتصادي أيضاً، وان يكون هناك نسبة مقبولة من القدرة على الانفاق تغطي احتياجات الاسرة وتكفل قدرتها على المواصلة والاستمرارية لا يبعد كثيرا عن الوسط الاقتصادي للزوجة الذي اعتادت عليه في بيت أهلها .ان عدم استقرار الوضع الاقتصادي المخول به الرجل والذي لاجله جعلت له على النساء درجة من التفضيل ، خاصة اذا امتد هذا الوضع الأقتصادي المتأزم لفتره زمنية دون ان ترى الزوجة سعي حقيقي منه للخروج من هذه الضائقات المالية يخلق الكثير من الحساسيات التي قد تؤدي الى صدع البيت وتفكك دعائمة . ورغم ان الكثير من الزيجات تبدأ بموارد بسيطة وتستعد فيها الفتاة نفسيا للكفاح والصبر إلا ان الرجل الذي يركن الى هذا العهد والاستعداد دون ان يبذل جهد لاخراج الأسرة من هذا الضغط المالي يساهم في الابقاء على عداد انفجار الزوجة في مواصلة عده للوصول الى صدع ونهاية الأسرة، فلكل شيء قدره منتهية وعلى الرجل ان لا يترك الأمور تصل الى هذا الخط الأحمر ثم بعد ذلك يصاب بالدهشة والأستغراب .
بينما الجنس فيشكل الجانب الأكبر لمشاكل الزواج ، ليس لأن الجنس أهم من باقي الركائز؛ وإنما لأن جهلنا به وبالتعامل معه في مجتمعاتنا العربية أكبر، فالجنس عند العرب دائماً مقرون بسلوك الرفض ، ومعانى الانحطاط الأخلاقي والتهويل التربوي منذ طفوله الفرد. ولأن الجنس جزء لا يتجزء من التكوين البشري ويشعره الطفل في مراحل تكوينة المبكرة، ويمارس تجاهه صراع نفسي واجتماعي دائم ليرفضه ويتنازل عنه أو يفرغه بأفعال سرية خاطئة، لذلك يقرن دائماً الحدث الجنسي أو المشاعر الجنسية لديه بذاكرة مشاعر الذنب وتأنيب الضمير والاحساس الدائم بالخروج من دائرة قبول الله والمجتمع، ومع ذلك يبقى الجنس جزء لا يتجزء من الحياة ومن التكوين البشري رغم كل الحروب الضارية التي تشنها الأسر في المجتمعات العربية لتحقيره و لتحويل الابناء عنه، ولن يستطيع أحد قتله أو منعه أو حتى كبته، مهما حاولو وكل من حاول ضغطه في هذا الاتجاه مع نفسه أو أبنائه فجر تلك الرغبات في اتجاهات خاطئة غير طبيعية وتسبب في مشاكل أكثر تعقيداً نفسية وجسدية واجتماعية. لأن الجنس هو راية الحياة وهو أحد الأوامر الإلهية لرحلة الروح على الأرض، ولذلك فالجنس قوة هائلة جبارة تستمد طاقتها وجبروتها من قوة الله التي تأمر ببقاء الوجود عبر تعاقب الخليقة. لذلك على الجميع أن يسلم أن الجنس جزء لا يتجزء من تكويننا وأحداث حياتنا، وأن أولادنا جزء من هذه الحقيقة الوجودية، وأنهم سائرون إليها، والإقرار بحقهم في فهم هذه الحقيقة لنستطيع توجيههم إلى قنواتها الصحيحة.
وتنقسم قنوات الجنس الصحيحة إلى قسمين:
أولاً: قنوات ما قبل الزواج وتتمثل في:
1- الابتعاد التام عن الوحده واشغال أوقات الفراغ بنشاطات فكرية أو جسدية مفيدة.
2- تبني ساعات مناسبة من الرياضة لاستهلاك الطاقة الجسدية.
3- تجنب المثيرات وغض البصر عنها مثل الأفلام والأغاني المثيرة والاستعاضة عنها بأفلام وبرامج ومسلسلات هادفة.
4- المواضبة على الصيام مرة أو مرتين في الأسبوع أيضاً لاستهلاك طاقة الجسد وتدريب النفس على الصبر.
5- تقوية الإحساس العاطفي إنسانياً ليقترن الجنس بالحس الفاضل وليس بالتفريغ الآلي الحيواني.
6- الصبر على ضغط الحاجة الجنسية وعدم اللجوء إلى أية عادات سرية خاطئة، وستكون نتيجة الصبر هو احتلام طبيعي من الله ينفس عن ضغط تلك الطاقة وطول الصبر سيجعل الاحتلام يتكرر بشكل دوري ثابت ينظم عملية التفريغ بشكل طبيعي آمن.
ثانياً: قنوات ما بعد الزواج وهي بطبيعة الحال تتمثل في الزواج نفسه، ولكن مع كل تلك التركة الثقيلة من الرواسب الخاطئة عن الجنس يصطدم الزواج بمشاكل أكبر بسبب فكره المشوه والتعرف على الجنس عبر ممارسات شاذة. ولأن إحساس الفرد بأفضل أوضاع الجنس وقمة اللذة يعتمد بشكل كبير على مخزون ذاكرته لتجربته الجنسية الأولى والتي غالباً ما تكون تجربة فاسدة لدى الشباب فيؤثر ذلك كثيراً على نجاح الزواج .
ومن مشاكل الزواج الجنسية الكبرى أيضاً هو عزوف الزوجة عن التفاعل الجنسي مع زوجها حتى بعد سنوات طويلة من الممارسة الزوجية الذي يفترض أنها اكتسبت فيها خبرة ومعرفة كافية، خوفاً من سوء ظن زوجها على حد قولها أو لاعتقادها الخاطئ أن لا دور لها في معزوفة التلاحم هذه، مما يؤدي إلى ملل الرجل أو المرأة بسبب عدم الوصول إلى الإشباع.
فليس الجنس في الحياة الزوجية برجل يريد أن يتمتع بزوجته عند حاجته إليها وعليها أن تكون دائماً مستعدة عند ندائه وحسب، وليس الجنس بجزء من الثقافة الرجولية وحيدة القيادة، وليس الزواج بأن يأخذ الرجل دون أن يصبر على زوجة ليعطي أيضاً، وفي هذا يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة، وليكن بينهما رسول، قيل: ما الرسول يا رسول الله؟ قال: القبلة والكلام"، ما أجمل خلقك يا رسول الله!
وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "ثلاثة من العجز"، وذكر منها أن يقارب الرجل زوجته فيصيبها قبل أن يحدثها ويؤانسها، ويقضي حاجته منها قبل أن تقضي حاجته منه [رواه الديلمي في كتابه سند الفردوس].
وأيضاً قوله عليه الصلاة والسلام: "ولك في جماع زوجتك أجر، قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟! فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر".
ومن الآيات المتعلقة بهذا الأمر قوله تعالى: 'هن لباس لكم وأنتم لباس لهن'.
فالجنس في الزواج هو تفاعل بين رجل وامرأة كلاهما يرغب في أن يشبع من الآخر وأن يشبع الآخر، وهو أحد المناهج والآداب الإسلامية العظيمة ولكن الناس لا يتعلمون فيما شرع الله إلا ما يضيقون به على بعضهم البعض وما يندرج تحت حقوقهم، مهملين البحث عن واجباتهم.
مشاكل الزواج في مجتمعاتنا العربية تتلخص في عبارة الجهل بكل أنواعه ومراتبه، والأنانية، ولهذا الرجل العربيّ غالباً لا يشبع جنسياً لأنه يمارس الجنس وحده للتفريغ وليس للإحساس، فلا يشبع فيبحث عن امرأة أخرى ولا يشبع ويذهب لغيرها ولا يشبع ولن يشبع لو جرب نساء العالم كله.
لا طعم للجنس بدون إحساس ولا إحساس بدون تخاطب فكري ولا تخاطب فكري بدون تكافؤ ولا تكافؤ بدون وحدة أهداف ولا وحدة أهداف بدون تلاحم روحي وانتماء للآخر، أي: (حــــــــــــــــــــــــب).
وأذكر هنا أن الرجال كلهم متشابهون في تكوينهم البيولوجي لا يفرقون عن بعضهم البعض، وأن النساء كلهنَّ متشابهات في تكوينهن البيلوجي لا يفرقن عن بعضهن البعض، ولا يعتبر حجم الأعضاء بفرق حال الإدرك بكيفية الآداء الصحيحة؛ ولكن الإختلاف في إحساسنا، أي أن الفرق في مشاعر الحــــــــــــــــــــــــــب.
على الناس أن يتزوجوا عن حب بعد بحث عن خيارات متكافئة، وبعد تخاطب فكري وارتياح نفسي وتكافؤ سلوكي واجتماعي واقتصادي واكتساب المعرفة بالاخر نفسياً بالاطلاع على الكتب العلمية ونصيحة الأهل والمتخصصين محل الثقة فيما يخص الجنس ثم الزواج.
الجنس لغة تخاطب وجودية، وهو فن قراءة المشاعر المنسابة على الجسد بين خلايا جنسين، الجنس فن راقي، وهورسول الحياة على الارض.
حبي ومودتي
اختكم مروى
الزواج هو نموذج مصغر للوطن، أنت فيه ملك على زوجك وعائلتك، وأنت نفسك فيه مملوك لهم، ومعنى أن تكون ملك أي أن تكون بيدك صلاحيات إدارة أفراد العائلة ومتطلبات البيت ، من مشاكل وموارد ضمن حيز انفعالي ومادي يقع في إطارصلاحياتك القانونية المستقاه من الدين والمجتمع ومن نفسك، وأنت نفسك مملوك لواجبات واملاءات وضغوطات أخرى اجتماعية ودينية ومن الشريك، ولذلك كان لنفسك عليك حق حسن اختيار سلوك الشريك، وكان لشريكك عليك حق الإصلاح من نفسك وتطويرها لتسعده.
وحسن الاختيار ليس بحسن العبادة فقط كما يذهب البعض وإنما يتجلى قصدي في قول الحق تبارك وتعالى في سورة المائده الآية 48: "لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون". الآية الكريمة تشير في رأيي إلى تكافؤ السلوك، وأنا لا أقصد بالتكافؤ هنا المال أو الرتبة الاجتماعية أو اللون أو البلد أو فرق العمر بين الزوجين فهذه كلها أمور نسبية تختلف من شخص إلى آخر تبعاً لرصيده الفكري والعلمي وخلفيته الاجتماعية ورواسب تجاربه الشخصية، وإنما قصدت به تكافؤ توجه السلوك، كأن يتزوج البخيل من امرأة اقتصادية حتى لو لم تكن بخيلة هذا تكافؤ أفضل من أن يتزوج البخيل من كريمة، أو أن يتزوج المتحرر من المتساهلة في الدين أفضل له من المتشددة في التزامها، وأن يتزوج المتشدد في الدين المتشددة، والهادئ من الرومانسية، والشهواني ممن تعير أهمية أكبر للجنس وهكذا ... لتتقارب شريعة ومنهج كلاهما من الآخر ولتلتقي وتتضامن ردود أفعالهما وانفعالاتهما تجاه مواقف الحياة المختلفة حلوها ومرها والرؤى المستقبلية لمسيرة الأسرة وتصب في مصب واحد. هذا سيخلق توافق واتفاق نسبي يساهم في نمو ود ورحمة أكبر بينهما، وسيوحد منهاجهما التربوي تجاة أبناءهما بالايجابيات والسلبيات التي تتضمنه ، وسيؤدي لقيادة مؤسسة الزواج بشكل منظم متكاثف ومرن ما يطيل عمر الزواج ويقوي روابطه، بغض النظر عن كون هذه العائلة تنتهج نهج صائب أو حتى خاطئ، هذا هو المقصود بضرورة اختيار فتاة أو شاب على خلق ودين، الخلق المقصود هنا خلق مكافئ لشريعة ومنهج الآخر والله أعلم.
ورغم أن التكافؤ في التوجه السلوكي ركيزة أساسية لنجاح الزواج لكنه وحده لا يكفي ، فالوضع الاقتصادي هام جداً ولا بد أن يوجد تكافؤ في الوضع الاقتصادي أيضاً، وان يكون هناك نسبة مقبولة من القدرة على الانفاق تغطي احتياجات الاسرة وتكفل قدرتها على المواصلة والاستمرارية لا يبعد كثيرا عن الوسط الاقتصادي للزوجة الذي اعتادت عليه في بيت أهلها .ان عدم استقرار الوضع الاقتصادي المخول به الرجل والذي لاجله جعلت له على النساء درجة من التفضيل ، خاصة اذا امتد هذا الوضع الأقتصادي المتأزم لفتره زمنية دون ان ترى الزوجة سعي حقيقي منه للخروج من هذه الضائقات المالية يخلق الكثير من الحساسيات التي قد تؤدي الى صدع البيت وتفكك دعائمة . ورغم ان الكثير من الزيجات تبدأ بموارد بسيطة وتستعد فيها الفتاة نفسيا للكفاح والصبر إلا ان الرجل الذي يركن الى هذا العهد والاستعداد دون ان يبذل جهد لاخراج الأسرة من هذا الضغط المالي يساهم في الابقاء على عداد انفجار الزوجة في مواصلة عده للوصول الى صدع ونهاية الأسرة، فلكل شيء قدره منتهية وعلى الرجل ان لا يترك الأمور تصل الى هذا الخط الأحمر ثم بعد ذلك يصاب بالدهشة والأستغراب .
بينما الجنس فيشكل الجانب الأكبر لمشاكل الزواج ، ليس لأن الجنس أهم من باقي الركائز؛ وإنما لأن جهلنا به وبالتعامل معه في مجتمعاتنا العربية أكبر، فالجنس عند العرب دائماً مقرون بسلوك الرفض ، ومعانى الانحطاط الأخلاقي والتهويل التربوي منذ طفوله الفرد. ولأن الجنس جزء لا يتجزء من التكوين البشري ويشعره الطفل في مراحل تكوينة المبكرة، ويمارس تجاهه صراع نفسي واجتماعي دائم ليرفضه ويتنازل عنه أو يفرغه بأفعال سرية خاطئة، لذلك يقرن دائماً الحدث الجنسي أو المشاعر الجنسية لديه بذاكرة مشاعر الذنب وتأنيب الضمير والاحساس الدائم بالخروج من دائرة قبول الله والمجتمع، ومع ذلك يبقى الجنس جزء لا يتجزء من الحياة ومن التكوين البشري رغم كل الحروب الضارية التي تشنها الأسر في المجتمعات العربية لتحقيره و لتحويل الابناء عنه، ولن يستطيع أحد قتله أو منعه أو حتى كبته، مهما حاولو وكل من حاول ضغطه في هذا الاتجاه مع نفسه أو أبنائه فجر تلك الرغبات في اتجاهات خاطئة غير طبيعية وتسبب في مشاكل أكثر تعقيداً نفسية وجسدية واجتماعية. لأن الجنس هو راية الحياة وهو أحد الأوامر الإلهية لرحلة الروح على الأرض، ولذلك فالجنس قوة هائلة جبارة تستمد طاقتها وجبروتها من قوة الله التي تأمر ببقاء الوجود عبر تعاقب الخليقة. لذلك على الجميع أن يسلم أن الجنس جزء لا يتجزء من تكويننا وأحداث حياتنا، وأن أولادنا جزء من هذه الحقيقة الوجودية، وأنهم سائرون إليها، والإقرار بحقهم في فهم هذه الحقيقة لنستطيع توجيههم إلى قنواتها الصحيحة.
وتنقسم قنوات الجنس الصحيحة إلى قسمين:
أولاً: قنوات ما قبل الزواج وتتمثل في:
1- الابتعاد التام عن الوحده واشغال أوقات الفراغ بنشاطات فكرية أو جسدية مفيدة.
2- تبني ساعات مناسبة من الرياضة لاستهلاك الطاقة الجسدية.
3- تجنب المثيرات وغض البصر عنها مثل الأفلام والأغاني المثيرة والاستعاضة عنها بأفلام وبرامج ومسلسلات هادفة.
4- المواضبة على الصيام مرة أو مرتين في الأسبوع أيضاً لاستهلاك طاقة الجسد وتدريب النفس على الصبر.
5- تقوية الإحساس العاطفي إنسانياً ليقترن الجنس بالحس الفاضل وليس بالتفريغ الآلي الحيواني.
6- الصبر على ضغط الحاجة الجنسية وعدم اللجوء إلى أية عادات سرية خاطئة، وستكون نتيجة الصبر هو احتلام طبيعي من الله ينفس عن ضغط تلك الطاقة وطول الصبر سيجعل الاحتلام يتكرر بشكل دوري ثابت ينظم عملية التفريغ بشكل طبيعي آمن.
ثانياً: قنوات ما بعد الزواج وهي بطبيعة الحال تتمثل في الزواج نفسه، ولكن مع كل تلك التركة الثقيلة من الرواسب الخاطئة عن الجنس يصطدم الزواج بمشاكل أكبر بسبب فكره المشوه والتعرف على الجنس عبر ممارسات شاذة. ولأن إحساس الفرد بأفضل أوضاع الجنس وقمة اللذة يعتمد بشكل كبير على مخزون ذاكرته لتجربته الجنسية الأولى والتي غالباً ما تكون تجربة فاسدة لدى الشباب فيؤثر ذلك كثيراً على نجاح الزواج .
ومن مشاكل الزواج الجنسية الكبرى أيضاً هو عزوف الزوجة عن التفاعل الجنسي مع زوجها حتى بعد سنوات طويلة من الممارسة الزوجية الذي يفترض أنها اكتسبت فيها خبرة ومعرفة كافية، خوفاً من سوء ظن زوجها على حد قولها أو لاعتقادها الخاطئ أن لا دور لها في معزوفة التلاحم هذه، مما يؤدي إلى ملل الرجل أو المرأة بسبب عدم الوصول إلى الإشباع.
فليس الجنس في الحياة الزوجية برجل يريد أن يتمتع بزوجته عند حاجته إليها وعليها أن تكون دائماً مستعدة عند ندائه وحسب، وليس الجنس بجزء من الثقافة الرجولية وحيدة القيادة، وليس الزواج بأن يأخذ الرجل دون أن يصبر على زوجة ليعطي أيضاً، وفي هذا يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة، وليكن بينهما رسول، قيل: ما الرسول يا رسول الله؟ قال: القبلة والكلام"، ما أجمل خلقك يا رسول الله!
وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "ثلاثة من العجز"، وذكر منها أن يقارب الرجل زوجته فيصيبها قبل أن يحدثها ويؤانسها، ويقضي حاجته منها قبل أن تقضي حاجته منه [رواه الديلمي في كتابه سند الفردوس].
وأيضاً قوله عليه الصلاة والسلام: "ولك في جماع زوجتك أجر، قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟! فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر".
ومن الآيات المتعلقة بهذا الأمر قوله تعالى: 'هن لباس لكم وأنتم لباس لهن'.
فالجنس في الزواج هو تفاعل بين رجل وامرأة كلاهما يرغب في أن يشبع من الآخر وأن يشبع الآخر، وهو أحد المناهج والآداب الإسلامية العظيمة ولكن الناس لا يتعلمون فيما شرع الله إلا ما يضيقون به على بعضهم البعض وما يندرج تحت حقوقهم، مهملين البحث عن واجباتهم.
مشاكل الزواج في مجتمعاتنا العربية تتلخص في عبارة الجهل بكل أنواعه ومراتبه، والأنانية، ولهذا الرجل العربيّ غالباً لا يشبع جنسياً لأنه يمارس الجنس وحده للتفريغ وليس للإحساس، فلا يشبع فيبحث عن امرأة أخرى ولا يشبع ويذهب لغيرها ولا يشبع ولن يشبع لو جرب نساء العالم كله.
لا طعم للجنس بدون إحساس ولا إحساس بدون تخاطب فكري ولا تخاطب فكري بدون تكافؤ ولا تكافؤ بدون وحدة أهداف ولا وحدة أهداف بدون تلاحم روحي وانتماء للآخر، أي: (حــــــــــــــــــــــــب).
وأذكر هنا أن الرجال كلهم متشابهون في تكوينهم البيولوجي لا يفرقون عن بعضهم البعض، وأن النساء كلهنَّ متشابهات في تكوينهن البيلوجي لا يفرقن عن بعضهن البعض، ولا يعتبر حجم الأعضاء بفرق حال الإدرك بكيفية الآداء الصحيحة؛ ولكن الإختلاف في إحساسنا، أي أن الفرق في مشاعر الحــــــــــــــــــــــــــب.
على الناس أن يتزوجوا عن حب بعد بحث عن خيارات متكافئة، وبعد تخاطب فكري وارتياح نفسي وتكافؤ سلوكي واجتماعي واقتصادي واكتساب المعرفة بالاخر نفسياً بالاطلاع على الكتب العلمية ونصيحة الأهل والمتخصصين محل الثقة فيما يخص الجنس ثم الزواج.
الجنس لغة تخاطب وجودية، وهو فن قراءة المشاعر المنسابة على الجسد بين خلايا جنسين، الجنس فن راقي، وهورسول الحياة على الارض.
حبي ومودتي
اختكم مروى
gamel awy el mawdo3 dh bs yaret el nas tet3alem
ردحذفموضوع رائع يا مروى وفعلا اشرتى الى نقاط هامة جدا كنا ندعى اننا نغفلها ولكنها بالفعل محط الانتباه ، شكرا لكى
ردحذفشكرا على الموضوع الجميل اختي الغالية مروى
ردحذفانا كنت فاكر انك بسيطةمعرفش انك بالجمال
ردحذفعلى فكرة موضوعك جميل جدا وبشكرك علية
وان شاءالله الجاى افضل شكرا ليكى
موضوعك جميل جدا وربنا يوفقك والي الامام دايما
ردحذفالله يوفقك خيتى مروة عنجد انتى كتير جميله الله يحرسك
ردحذفشكرا أختي مروة على الموضوع الجميل
ردحذففي الحقيقة هذه هي الثلاثية الواجب عدم التغافل عنها في الزواج الناجح ، فالتكافؤ الفكري هو أمر الزامي إذ لا يمكن أن يستمر الزواج بدونه ، و الجانب الإقتصادي هو صمام الأمان لإستقرار العائلة و الجنس هو تمازج روحين طيبتين و به تتولد الرحمة و المودة .
و ان كان زواج صادر عن محبة فكل العقبات تذلل من أجل استمرار الزواج الناجح .
بارك الله فيكي فعلا يا اختمروة الواحد محتاج البديل الصح وواضح لا شك فيه لن خبرتك في الحياة قويه
ردحذفمحمد محفوظ
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
ردحذفبجد جامد جامد جامد
ردحذفعلي
ردحذفممكن ما تقولين جملي ولكن هذه الاسباب شيء من كل لا يتجزء
فالعامل الاقتصادي مطلوب والعامل جنسي ايضا
والكن حسن الاخيتيار هو الاكثر اهمية
شكرا على مداخلاتكم اهلي الكرام
ردحذفبــكــل حــب وإحــتــرام وشــوق
ردحذفنــســتــقــبــلك ونــفــرش طــريــقــك بــالــورد
ونــعــطــر حــبــر الــكــلــمــات بــالــمــســك والــعــنــبــر
ونــنــتــظــر الإبــداع مــع نــســمــات الــلــيــل وســكــونــه
لــتــصــل هــمــســات قــلــمــك إلــى قــلــوبــنــا
وعــقــولــنــا
نــنــتــظــر بــوح قــلــمــك
تحيـــاتي
طلال
خالص الشكر اخي الفاضل طلال على مداخلتك وكلامك الطيب
ردحذفسلمت اناملك اختاه موضوع اكثر من رائع ومفيد جدا جدا... مشكووور جدا
ردحذفاكرم
بصراحة مقال قوى جدا" وشكرا" يامروى
ردحذفاختى مروى اشكرك على هذا المقال الهادف القوى
ردحذفموضوع جميل وهادف اتمنى ليكى التفوق واتمنى من الشباب العبره والاستفاده منه والاهالى يكونو حنينين على العرسان
ردحذفندى الهوارى
أستاذة مرورة موضعك جميل جدا ومن الواضح انه ليس محض إطلاع فقط ولكن فيه دارسة مستفيضه. وجميل منك إستشهدك بأيات قرآنيه وجميل استشهدك بأحدث نبوية صحيحة ولكن ايضا أنكى قسمتى المشكلة الحياتيه فى الزواج على ثلاث مراحل ألا وهما السلوك والأقتصاد والجنس .وهنا هختلف مع حضرتك فى عدة نقاط بخصوص وطننا العربى لان دراستك او ماكتبتيها كله يدور فى إطار وطننا العربى أولا شموليت المسميات الثالثة هى شملة كل شيئ السلوك الأقتصاد الجنس وفى وسط هذا الموضع الشيق الجميل نسيتى ان الفقر المضجع وفقدان حسن الخلق والتنوير الفكرى والعقلى لى شبابنا والتنعت من التوجيه الاعلامى الخطأ كل ذلك من مؤثرت الفكرية ايضا فى التفكك الأسرى وعدم القناعة استاذة بم فى يدى الانسان اولا وليس آخراً نشكرك على موضوعك الشيق الجميل المثير ونتمى من المزيد منك حتى يفهم شبابنا فهم صحيح للعلاقة تدوم العمر... م.محمدسليم
ردحذفموضوعك يستحق الشكر والتقدير
ردحذفانا كنت متحفظ بعض الشيء في ردود افعالي تجاه ما تكتبين لان كلامي دائما يحتمل معنيين عند البعض ويحتمل معنا واحد عندي ولكن عندما قرات هذا الموضوع الذي لايستطيع اي رجل الخوض فيه الا بشق الانفس . الا ان ارفع القبعه لكي احتراما وتقديرا وده كان راي فيك من الاول فقط خضي معركه من اشرس المعارك في هذا المجال الذي يستحي منه اشجع الرجال في الخوض فيه وقد تحدثت معك سابقا علي ما توءديه من معاني وكلمات هي بمثابه ثوره وانطلاقه في عالم العلم والمعرفه وحدك دون مساعده من احد بصراحه هذا فعلا شيء مذهلا الله يفتح عليكي وينور بصيرتك ويلهمك رشدك علي طرق العلم والعلماءوالسلام .
ردحذف